يتعامل كثيرون مع الإنترنت كأداة طبيعية للدراسة والمتعة، لكن يفقد بعضهم السيطرة تدريجيًا على الوقت الذي يقضيه أمام الشاشة. يظهر إدمان الإنترنت حين يطغى الوجود الرقمي على الواجبات اليومية، والعلاقات الاجتماعية، والأنشطة التي تمنح الإنسان طاقة حقيقية، فيتحول الاتصال الدائم إلى عبء نفسي وجسدي بدل أن يظل وسيلة نافعة.

 

في هذا الدليل، يقدّم مستشفى ماساتشوستس العام (Mass General) شرحًا مبسّطًا لإدمان الإنترنت، وآثاره، وخطوات عملية للحد منه، مع تركيز خاص على المراهقين ودور الأسرة في الدعم والوقاية.

 

ما هو إدمان الإنترنت؟

 

يفقد الشخص المصاب بإدمان الإنترنت قدرته على تنظيم أو تقليل الوقت الذي يقضيه على الشبكة أو على تطبيقات الهاتف. يحدث هذا الفقدان بشكل تدريجي، ومع الوقت يرتبط الدخول إلى الإنترنت بإفراز الإندورفين في الدماغ، وهي مواد كيميائية تولّد شعورًا بالمتعة. يزيد هذا الارتباط صعوبة التوقف أو وضع حدود واضحة للاستخدام، خصوصًا لدى المراهقين الذين لا يزال دماغهم في طور التشكّل.

 

يشمل الإدمان التصفح، والألعاب، ووسائل التواصل الاجتماعي، وأي نشاط رقمي يتحول من أداة إلى عادة قهرية تسرق الوقت والتركيز.

 

الآثار الصحية والنفسية

 

يشابه إدمان الإنترنت أنماط الإدمان الأخرى لأنه يقطع الصلة بالعلاقات الواقعية. يبتعد الشخص تدريجيًا عن الأسرة والأصدقاء، وتضعف مهاراته الاجتماعية نتيجة قلة الاحتكاك المباشر مع الناس. يقود هذا الانسحاب إلى شعور بالعزلة والحرج الاجتماعي.

 

يؤدي الإفراط في استخدام الإنترنت أيضًا إلى مشكلات جسدية واضحة، مثل الأرق واضطراب النوم، وإهمال النظافة الشخصية، واضطراب مواعيد الطعام، والصداع وآلام الظهر، وجفاف العينين نتيجة التحديق الطويل في الشاشات، إضافة إلى أعراض متلازمة النفق الرسغي التي تظهر على شكل تنميل أو وخز في اليد والذراع.

 

تتراكم هذه الآثار ببطء، لكن تأثيرها يصبح عميقًا مع الوقت، خاصة عندما يتجاهل الشخص الإشارات المبكرة.

 

خطوات عملية للتغلب على الإدمان

 

يبدأ التعافي بالاعتراف بالمشكلة وطلب الدعم. يساعد الحديث مع طبيب أو أحد الوالدين على وضع خطة واقعية للحد من الاستخدام. يراقب الشخص أوقات دخوله إلى الإنترنت ويفرّق بين الاستخدام الضروري للدراسة أو العمل، والاستخدام الذي يسلبه وقته من العلاقات والأنشطة المحببة.

 

يقلّل إيقاف الإشعارات أو كتمها من الإغراء المستمر لتفقد الهاتف. يساهم تتبع وقت الشاشة عبر تطبيقات مخصصة في زيادة الوعي بحجم الاستهلاك الرقمي، ويمنح المستخدم أدوات لتحديد حدود زمنية واضحة وفترات راحة منتظمة.

 

يدعم استبدال الوقت الرقمي بأنشطة غير متصلة بالإنترنت عملية التعافي. يخرج الشخص لممارسة الرياضة أو المشي في الهواء الطلق، ويقرأ كتابًا، أو يرسم، أو يطبخ، أو يقضي وقتًا مع العائلة والأصدقاء. تعيد هذه الأنشطة التوازن وتذكّر الدماغ بمتعة الحياة الواقعية.

 

يعزّز الحديث مع الآخرين حول إدمان الإنترنت الشعور بالدعم، ويخلق مساحة لتبادل التجارب والحلول، ويقوّي الثقة والعلاقات الإنسانية.

 

ملاحظة للآباء

 

لا يزال الباحثون يدرسون أسباب إدمان الإنترنت لدى المراهقين، لكن ترتبط الحالة غالبًا بالقلق والاكتئاب وتدني تقدير الذات واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه. يلعب الأهل دورًا محوريًا في الوقاية عبر متابعة وقت الشاشة، ووضع حدود واضحة، واستخدام تطبيقات تساعد على التنظيم دون قمع أو عقاب.

 

يمثّل التعامل الواعي مع الإنترنت مهارة حياتية أساسية في العصر الرقمي. حين يستعيد الإنسان سيطرته على وقته، يعود الإنترنت إلى حجمه الطبيعي: أداة نافعة، لا مركزًا للحياة.

 

https://www.massgeneral.org/children/internet-addiction